مكتبة افلام الكابوي او الويسترن

مكتبة افلام الكاوبوي او الويسترن (الغرب الامريكي)Dances with Wolves



الحيرة الممزوجة بالانبهار تتملكني......والخواطر تغمرني حينما اود الحديث عن هذا الفلم......."رقصات مع الذئاب"......فلم يندرج تحت افلام الغرب الامريكي......والتي يصل عدد الافلامه المئات بل الاف.......وفي في وقت تشبع الناس من احاديثه واساطيره........ يبرز هذا الفلم ليعيد للغرب رونقه...بل ويعيد حسابات تقييمنا لما سبق.......جاء هذا الفلم ليعزز الكفة المظلومة في ميزان هوليوود......بل جاء ليقيم ميزانا اخر......وحقائق....وقناعات اخرى.

يفتتح الفلم بإفتتاحية قيمة عن الحرب الاهلية الامريكية......التي كان اهل الجنوب فيها قد ثار على لينكون...وانتهت بنصرة من كان يدافع عن قضية انسانية عظيمة.....ومن كان مؤمنا بكل ما هو انساني....وما فيه رقي للأمم....ورفعة لها...واكثر من ذلك....ما يقوم تعاملها مع الشعوب الاخرى والاقليات المضطهدة.....ينتقل بنا الفلم من بين هذه المشاهد مع "جون دنبر"الملازم التابع لحكومة الشمال الفيدرالية......وكما قدم لنا الفلم هذه الشخصية...فهو شاب قد انهكت قواه تلك الحرب التعيسة.....ينقل بطلب منه الى الغرب الامريكي.....محاولة منه لاكتشاف شيء اخر.....واملا منه في العثور على ضالته التي لا يعرف ما هي.

وفي مشهد لاحق مجموعة من الهنود الحمر الذين كما يظهر انهم قد كانت لهم جولات وصولات مع البيض الامريكيين....والحقد والضغينة قد امتلئت بها قلوبهم حتى انهم لا يفرقون بين اخضر ويابس.....ينطلقون وبشراسة لا رحمة فيها الى ذلك القروي البائس,الذي رافق الملازم دنبر الى حاميته المنشودة...وكما شاهدناه حينها....فروح المكر او الحقد والشر لم يكن هو صاحبها....بل شاهدنا السذاجة وقلة الحيلة فيه.....ومن ثم سيستثيرنا مشهد مقتله على يد اولئك الهنود الهمجيين...ويتنبأ حدسنا بتسلسل كئيب ملؤه السفك والتقتيل......ولـــــكن على العكس من ذلك فالفلم ينتقل وبهدوء جميل ولباقة منمقة الى شخصيتين متباينتين....وثقافتين متغايرتين....كان لها ان التقت سابقا....ولكن مع غير هاتين الشخصيتين......المتمثلتين في الملازم جون دنبر"كيفن كوستنر" و الهندي كيكنق بيرد"جراهام جريين".......حقيقة الواقع ان بهما تتمثل امتين عظيمتين......لها كيانهما وثقافتهما.


دنبر من جهه وبيرد وقبيلته من جهه اخرى.....لم يحدث ان التقى اي منهما بمثيله.....وإنما هي احاديث وروايات تتداول.....ولذلك فالحذر والفضول غالب لى روح العدوانية ومخلفات الصراع العرقي......وشاهدنا هذا الحذر جليا اول لقاء بين الاثنين.....فدنبر لاول مرة يشاهد هنديا وهو مطابق لما عليه كينكنق....وانتهى القاء سريعا بفرار الحذر من الاخير دون ان يحادث احدهما الاخر.....وكل يحادث نفسه "إن كان هناك واحد فلابد من بقية ورائة"......يتزامن هذا مع اول اتصال لدنبر مع الذئب "تو سوكس"....هذا الذئب التي كانت علاقة دنبر به رمزا لكل ما يحدث في الفلم.....رمزا لكل العلاقات التي تكونت في الفلم.....وهي رمز لكل اتصال مجهول يتم في هذه الدنيا......هذا الرمز وظف بشكل بديع ليحكم كل هذا وذاك.....
يقرر لكل مواجه الامر......يجتمع مجلس القبيلة الهدنية......وكما شاهدنا فإن القرار الذي سيصدر منه سيقرر مصير العلاقة....وكم كان محكما تركيبة الاراء في هذا المجلس.....اراء متباينه لو تأمل المشاهد كل رأي منها لوجد ان كل منها سيسير بالعلاقة بمسار مختلف تماما.....فالذي يرى انه يجب القضاء عليه "قطعا لدابر القوم"...والاخر يرد وبحكمة ماذا لو كان معه الدواء.....فيجيبه الاول والسذاجة تعلوا محياه"نرميه بالسهام فإن لم يمت فإن لديه الدواء"....فأين وجه الحكمة من هذه الاراء!!...وايها الذي سيجنبها ذل التسلط.....ويجلب لها حسن العشرة.......من جهته دنبر يقرر المواجهه....والانطلاق لتلك القبيلة.
تسير الامور ببطئ حتى يتم اول لقا فعلي بين الاثنين.....وياله من لقاء....هذا المشهد البسيط الذي اعده من اجمل احداث الفلم....ما اعجل الانسان الى تقرير مصيره......اول سؤال يتبادر الى ذلك الزعيم الهندي الى دنبر"ما الذي تفعله في تلك الحامية العسكرية"....ويقابل بالرد من دنبر "لحظة...ما اسمك؟"...نعم...لهو امر مهم اغفله الهندي.....ولاهميته نجد ان القاء طال وانتهى اجابة لسؤال التعارف الذي قدمه دنبر....ولكن ان العجيب ان انتهى بود وحميمية غير متوقعة.....حقا ما اعجل الانسان الى تقرير مصيره.

من تلك اللحظة يتم التغير الجذري في العلاقة......وتتم الالفة وحسن الظن والنوايا.....بل والتعاون سويا في التكافل المعيشي....من صيد الجواميس....الى الدفاع المسلح عن لقمة العيش..ومقابل كل هذا نلحظ تطور العلاقة بين دنبر والذئب...بلانه ليراقصه.....فهو الراقص مع الذئاب.


يقرر دنبر العيش مع القبيله وهجر كل ما يمت له بالماضي.....ولكن يتفاجأ بوده الحامية التي كانت متواجده في مقر اقامته.....التي تلقي القبض عليه...ويتم تعذيبه....ومن ثم سوقه الى حتفه.....ولكن نعرة الغضب الهدنية تثور....ويتم الهجوم بعنف ودموية كبيرة على تلك الفاقلة وقتل جميع جنودها......لقد كان عنيف....ولكنه شريف.....وليبقى السؤال قائما:من ذا الذي يستطيع الرقص مع الذئاب؟؟
وكما نلاحظ فإنه بهذا المشهد الختامي تفتتح غالبا افلام الغرب الامريكي.....نازعة العذر من الجانب المدافع ملقية به الجانب المعتدي.

كيفن كوستنر يقدم لنا في هذا الفلم تحفة فنية يصعب تكرارها....دراما انسانيه قل لها مثيل....وصنع الكثيرمن القليل....ما اجمل ان يتبنى الانسان مثل هذه القضايا التي تحاكي شعوب العالم اجمع لا شعبا وامة بعينها....وقد كان هذا مع كوستنر اخراجا وتمثيلا....ومايكل بلاك قصة وحوارا...وليبقى "رقصات مع الذئاب"احد افضل الافلام التي شاهدتها....وليبقى افضل افلام الغرب التي شاهدتها.